الأربعاء , 22 مارس 2023
الرئيسية / Normal / للمرّة الأولى: كوادر من حماس أمام المحاكم الليبيّة

للمرّة الأولى: كوادر من حماس أمام المحاكم الليبيّة

فرضت المحكمة العسكريّة في العاصمة الليبيّة طرابلس، في 21 شباط/فبراير، أحكاماً مشدّدة على 4 فلسطينيّين، لم يثبت أنهم جميعاً من حماس، اعتقلوا منذ تشرين الأوّل/أكتوبر 2016، وتراوحت الأحكام بين 17 و22 عاماً، وهم مروان الأشقر، ونجله براء، ومؤيّد عابد، ونصيب شبير، بتهم الضلوع في تهريب شحنات أسلحة إلى حماس في غزّة، وتشكيل تنظيم أجنبيّ سرّيّ داخل ليبيا، وحيازة السلاح، والتآمر على أمن الدولة، مع أن هذه أول قضية أمنية قضائية ضد حماس في ليبيا.

لم تقم حماس منذ تأسيسها في عام 1987 علاقات مع ليبيا، سواء بسبب البعد الجغرافيّ بينهما، أم عدم الانخراط الليبيّ في القضيّة الفلسطينيّة، في زمن العقيد معمّر القذافي أو بعد الثورة عليه في عام 2011، حيث رحّبت حماس في آب/أغسطس 2011 بانتصار الثورة الليبيّة.

تواصل “المونيتور” مع عائلات المعتقلين التي أبلغته، مخفية هويّاتها، أنّ “المحكومين مقيمون في ليبيا منذ التسعينيّات، ويعملون في شركة تكنولوجيّة في طرابلس، ويدرسون في جامعاتها، وهم محتجزون في سجن قوة الردع الخاصة في طرابلس، وممنوعون من الزيارة منذ أشهر، ويتعرّضون إلى التنكيل اليوميّ”. وأضافت: “ونخشى تسليمهم إلى إسرائيل بسبب اتّهامهم بدعم المقاومة الفلسطينيّة، ولأنّ السفارة الفلسطينيّة في طرابلس لم تبذل جهداً للإفراج عنهم، فقد توجّهنا إلى القياديّ الفتحاويّ محمّد دحلان للتوسّط لإيجاد تسوية لقضيّتهم، لعلاقته القويّة بالجنرال الليبيّ خليفة حفتر الذي يعتقل أبناءنا في المناطق الخاضعة إلى سيطرته”.

وأصدرت حماس يوم 25 فبراير بيانا استهجنت فيه “الأحكام الليبية الجائرة” ضد الفلسطينيين الأربعة، وطالبت الجهات الرسمية في ليبيا بالتدخل الفوري للإفراج عنهم، لأنهم لم يتدخلوا بشؤون ليبيا، ولم يعبثوا بأمنها، وكشفت حماس أنها تواصلت مع جهات عدة، لم تسمها، لحل هذه القضية.

ذكرت صحيفة الأخبار اللبنانيّة المقرّبة من حزب الله، في 22 شباط/فبراير، أنّ “الأحكام الليبيّة استندت إلى تحقيقات النائب العامّ، وشملت وثائق سرّيّة تتّهم المعتقلين بالانضمام إلى تنظيم محظور قانوناً، ونقل أسرار تتعلّق بالدولة، وحيازة أسلحة ناريّة، وتهريبها إلى غزّة”.

وذكرت القناة التلفزيونيّة الليبيّة 218 في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 أنّ 13 فلسطينيّاً في ليبيا يعملون لصالح حماس، 4 معتقلون المذكورون أعلاه، و9 طلقاء مطلوبون للسلطات الليبية، على ذمة القناة التلفزيونية الليبية، وهم: أحمد مصطفي، وائل أبو سبتال، أحمد أبو دقّة، أحمد المشيطي، أحمد الحاسي، محمود شبراوي، أحمد شبير، محمود الحلات، وعلّام بلال.

قال المتحدّث باسم حماس حازم قاسم لـ”المونيتور” إنّ “حماس حركة تحرّر وطنيّ، تخوض معركتها ضدّ الاحتلال داخل فلسطين، لكنّ المطلوب من العرب شعبيّاً ورسميّاً دعمها، فمقاومتنا لإسرائيل جزء من الدفاع عن الأمن القوميّ العربيّ، وتمنعها من التغوّل على الدول العربيّة، وحماس ستبقى حريصة على أمن الشعب الليبيّ، وتبذل جهدها مع أطراف عدّة لحلّ مشكلة المعتقلين الأربعة”.

تظهر التصريحات والتقارير الليبيّة حضوراً لحماس في طرابلس، فزعمت صحيفة “ليبيا تايمز” الإنجليزيّة، في 13 نيسان/أبريل 2018، أنّ كتيبة أنصار الشريعة سلّمت حماس شحنات من الأسلحة والذخيرة.

وفي 28 أيلول/سبتمبر 2017، أعلن رئيس التحقيقات في مكتب النائب العامّ الليبيّ الصديق الصور إلقاء القبض على خليّة لحماس، مسؤولة عن تهريب أسلحة من ليبيا إلى غزّة، ونقلت صحيفة “واشنطن إيغزامنر” الأميركيّة في 16 تمّوز/يوليو 2017 عن مصادر في الأمم المتّحدة أنّ مجموعة فلسطينية مسلحة تعمل في ليبيا، عبر خبراء عسكريّين، دون معرفة إذا كان الأمر يرتبط بالمتهمين الأربعة المذكورين أعلاه.

وفي 8 حزيران/يونيو 2017، اتّهم المتحدّث باسم الجيش الليبيّ أحمد المسماري، كتائب عزّ الدين القسّام، الجناح العسكريّ لحماس، بتدريب أفراد على تصنيع ألغام ومتفجّرات في غرب بنغازي. وفي كانون الثاني/يناير 2017، قالت وزارة الداخليّة الليبيّة إنّها ضبطت فتاة فلسطينيّة في مدينة بنغازي تراقب مواقع الجيش الليبيّ لصالح حماس.

أصدرت حماس بيانا في 29 أيلول/سبتمبر 2017 نفت فيه الاتّهامات، لأنّ سياستها عدم التدخّل في شؤون أيّ دولة عربيّة، واستغربت الزجّ باسمها في المعترك الليبيّ.

أبلغ صحافيّ ليبيّ قريب من اللواء حفتر، أخفى هويّته، “المونيتور” أنّ “حماس تمارس أنشطتها في ليبيا عبر الإخوان المسلمين، ممّا يجعلها منخرطة في الصراعات الليبيّة، من دون أن تقصد، ويحتّم عليها الابتعاد عن ليبيا منعاً لتعقيد الأمور، والأمن الليبيّ يستفيد من أجهزة أمنيّة صديقة لمتابعة أنشطة حماس داخل ليبيا”.

كتب مصطفى اللداوي، الممثل السابق لحماس في سوريا ولبنان، في 23 شباط/فبراير، في مقاله بصحيفة الزمان المصري الالكترونية، أنّ محاكمة ليبيا من يساند المقاومة الفلسطينيّة بالسلاح، خبر يفرح إسرائيل، وفي شباط/فبراير 2016، شوهد مقاتلو حماس في غزّة يحملون أسلحة ليبيّة مضادّة للطائرات، خلال عرض عسكري نظمته حماس بمدينة رفح جنوب قطاع غزة.

أخذ اعتقال الفلسطينيّين الأربعة في ليبيا أبعاداً إقليميّة، فنقل مسؤول لجنة المخابرات في البرلمان التركيّ أمر الله إيشلار، رئيس الجمعية الوطنية التركية الكبرى، وهو أيضاً المبعوث الخاص للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى ليبيا، رسائل إلى الجهات الأمنيّة الليبيّة للإفراج عنهم، من دون تحديد موعد لذلك، وفي نيسان/أبريل 2018، اتّصل الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس برئيس مجلس الدولة الاستشاريّ خالد المشري، لتهنئته بمناسبة عيد الإسراء والمعراج، وتباحثا في الإفراج عنهم.

قال الباحث في الشؤون الإسرائيليّة في مركز رؤية للتنمية السياسيّة في اسطنبول عماد أبو عوّاد لـ”المونيتور” إنّ “هذه القضيّة ليست منفصلة عن العلاقات غير الخافية بين إسرائيل وحفتر، فهي تستفيد منه لملاحقة تهريب الأسلحة من ليبيا إلى غزّة مروراً بالسودان وسيناء، وإنّ الأحكام ضدّ كوادر حماس لن توقفها عن الاستمرار بالتزوّد بالسلاح على الرغم من الملاحقات، لكنّها ستكون أقلّ مجازفة بالعمل في بعض دول منطقة الشرق الأوسط مثل إيران والسودان وليبيا وسيناء، بسبب زيادة خناق دول المنطقة على حماس”.

ليس سرّاً أنّ هناك تنسيقاً بين إسرائيل والجنرال الليبيّ حفتر، فقد أكّد موقع “إنتيليجنس أونلاين” الفرنسيّ لشؤون الاستخبارات في 2 أيّار/مايو 2018 أنّ إسرائيل أقامت قنوات اتّصال مع حفتر لتبادل معلومات أمنيّة لوقف تدفّق الأسلحة لحماس من ليبيا إلى السودان، وصولاً إلى سيناء وغزّة.

ونقلت صحيفة العربي الجديد اللندنية يوم 1 يوليو 2018، عن مصادر مقربة من حفتر، لم تكشف هويتها، أنه عقد لقاءً مطولاً مع ضابط استخبارات إسرائيلي مطلع يونيو 2018 في العاصمة الأردنية عمّان لتعميق التنسيق الأمني بينه وبين إسرائيل.

وقال المتحدّث السابق باسم وزارة الداخليّة في غزّة إسلام شهوان لـ”المونيتور” إنّ “محاكمة الفلسطينيّين ستخيف أيّ جهة ليبيّة من تقديم المساعدة إلى حماس، ممّا سيجعلها تواجه عقبات للتزوّد بالأسلحة، وليس سرّاً أنّ الجهات الفلسطينيّة وغيرها استفادت من الأسلحة الليبيّة بعد ثورة عام 2011”. وأضاف: “اليوم مع وجود علاقات قوية لحماس مع دحلان ومصر، فهي تسعى إلى توظيفها للإفراج عن المعتقلين الأربعة. أمّا السفارة الفلسطينيّة في ليبيا فلعلّها متورّطة في الوشاية بهم، ولا أتوقّع لها دوراً إيجابيّاً”.

لا أحد يعرف كيف ستنتهي قضيّة المعتقلين الفلسطينيين الأربعة في ليبيا، على الرغم ممّا قد تبذله حماس من جهود خلف الكواليس لتسويتها بهدوء، لكنّ هذه القضية كما يبدو ستحرم حماس من مورد هامّ لتزوّدها بالأسلحة مثل ليبيا، ممّا يتطلّب من حماس البحث عن موارد أخرى، مع أنّ الأمور لن تكون سهلة على الحركة، في ظلّ الملاحقة الأمنيّة التي تتعرّض إليها من إسرائيل ودول المنطقة.

شاهد أيضاً

مجلس النواب يقر مشروع قانون المخابرات الليبية بالأغلبية

أكد الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، مساء اليوم الثلاثاء، «إقرار مشروع قانون المخابرات الليبية …