الخميس , 28 سبتمبر 2023
الرئيسية / مقالات / خبراء: خطابات «الجنائية الدولية» بشأن ليبيا جوفاء.. وتقصير القضاء الوطني فتح المجال أمامها

خبراء: خطابات «الجنائية الدولية» بشأن ليبيا جوفاء.. وتقصير القضاء الوطني فتح المجال أمامها

قال خبراء قانونيون إن خطابات المحكمة الجنائية الدولية في الملف الليبي «جوفاء» وتفتقر إلى التطبيق العملي، كما يواجه عمل المحكمة تساؤلات بخصوص «اختصاصها في التحقيق بالجرائم المرتكبة» في ليبيا، لكنهم يرون أن «غياب القضاء الوطني في نظر الجرائم والانتهاكات المرتكبة بالبلاد منذ العام 2011، فتح المجال أمام المحكمة الجنائية للعب هذا الدور».

جاء ذلك في مداخلات مع برنامج «وسط الخبر» على قناة «الوسط» (WTV)، أمس الأحد، والذي سلط الضوء على ملابسات الإحاطة الأخيرة للمدعي العام للمحكمة الجنائية كريم خان بشأن ليبيا، حين أعلن إصدار أوامر قبض جديدة، وأن فريقا من المحكمة سيزور البلاد خلال الأيام المقبلة، لبحث فتح مكتب للمحكمة بالتنسيق مع السلطات الليبية.

خطابات جوفاء
ويرى المحامي والعضو بالهيئة التأسيسية لصياغة الدستور ضو المنصوري أن ملف الانتهاكات والجرائم «رغم حساسيته وتداخلاته المحلية والدولية، لم يحظ بالبحث الكافي محليا أو دوليا»، واصفا خطابات المحكمة الجنائية في هذا الإطار بـ«الجوفاء» التي تفتقر إلى التطبيق العملي، وتابع: «المحكمة مقصرة تماما لأنه مضى على قرار مجلس الأمن 1970 بالتحقيق في الجرائم والانتهاكات في ليبيا نحو 13 عاما، والمحكمة الجنائية مقصرة في الإلمام بالملف ومتابعة والتحقيق في جميع الجرائم وطريقتها انتقائية».

وأضاف: «المحكمة الجنائية قضاء تكميلي، وفي حال لم تقم النيابة العامة بمهامها في التحقيق مع المتهمين والكشف عن الجرائم والإحالة إلى المحاكمة فإن المهمة تقع على المحكمة الجنائية لتنفيذ تلك المهام، لكنها مارست دورها باختيارية وانتقائية يضاهيها في ذلك تلكؤ مكتب النائب العام في التحقيق في الجرائم وفق القوانين الجنائية».

تقصير القضاء الوطني والمحكمة الجنائية
ويشير المنصوري إلى أن اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية وفق قراري مجلس الأمن 1970 و1973 «اختصاصات ذات طابع دولي»، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يلجم هذه الاختصاصات «قيام القضاء الليبي بدوره حيال الجرائم التي ارتُكبت في ليبيا»، والقضاء الوطني لم يكن ملما بهذا الملف، كما لا يمكن تبرئة المحكمة الجنائية الدولية في مسألة التقصير بنظر الجرائم.

وأضاف: «هناك ملفات متكاملة قدمت لها في أعوام 2013 و2015 و2018، ورفع لها ملف متكامل بخصوص الجرائم التي ارتكبت في ورشفانة، وآخر خاص بالقرار رقم 7 الصادر عن المؤتمر الوطني العام الخاص بتنفيذ عمليات عسكرية في مدينة بني وليد، وقدم لها ملف الجرائم التي ارتكبها حلف (ناتو) في مدينة زليتن، لكن المحكمة الجنائية الدولية تنتهج نهجا انتقائيا في تلك الملفات».

اختصاص المحكمة
وبخصوص القول بعدم اختصاص المحكمة في نظر الجرائم داخل ليبيا، قال المنصوري إن هذه الآراء «جانبها الصواب» لأن القضاء الوطني بما في ذلك النيابة العامة كانت قاصرة عن الإحاطة بجرائم واضحة الظهور وبينة الدلالة، وبالتالي إذا لم يقم القضاء الوطني بمتابعة هذه الجرائم والتحقيق فيها وإحالة المتهمين للمحاكمة فإن القضاء الدولي هو الذي سينظر في الأمر.

وتابع: «ماذا فعل القضاء الليبي في قضايا ترهونة والمخطوفين والمحتجزين في السجون السرية والعلنية؟ هذا الإخفاق هو الذي يخلق اختصاص المحكمة الجنائية، وأدعو مكتب النائب العام إلى أن يضطلع بمسؤولياته في تلك الجرائم ويمارس التحقيقات الكاملة ويقدم المتهمين إلى العدالة».

المحكمة غير ملزمة
ويتحدث أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية الهادي شلوف من خلال تجربته في العمل مع المحكمة الجنائية الدولية في قضية دارفور، ومزاملته المدعي العام كريم خان، فيقول إن المحكمة «غير ملزمة بتولي ملف» الجرائم والانتهاكات المرتكبة في ليبيا.

ويشرح: «لنكن واقعيين وعمليين… القضية حولت من مجلس الأمن الدولي وفق الفصل السابع، وحسب قراري 1970 و1973، وكان الاتهام موجه إلى (العقيد معمر) القذافي وعبدالله السنوسي وسيف القذافي، والقذافي مات وبقي السنوسي الذي يُحاكم في ليبيا، وسيف موجود أيضا في ليبيا، ثم صدر عفو عام لليبيين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم القتل من مجلس النواب، وأصبحت المحكمة غير ملزمة بتولي الملف، ثم جاءت ملفات أخرى وقدمت شكاوى لأهالي من عدة مناطق».

الملف تحول إلى «بيزنس»
ويرى شلوف أن المحكمة لديها مصالح فيما يخص القضايا المتعلقة بالشأن الليبي، وأن الطرف الليبي الذي ينسق معها، وهو مجموعة من وزارة العدل، يتعاملون مع الملف كـ(بيزنس)، والموضوع لم يعد قضائيا أو قانونيا ولكن أصبح (بيزنس) وناس يتقاضون مرتبات وبدل سفر، ولا يوجد عمل جاد».

وتابع أن الملف «أصبح شبه مغلق وغير موجود أساسا، وهناك شكاوى لكن تخرج عن إطار ما حول من مجلس الأمن إلى المحكمة.. وأي محامي سيدفع مستقبلا بعدم اختصاص المحكمة بنظر هذه القضايا ستقبل الدفوع بعدم اختصاصها لأن ليبيا ليست عضوا في المحكمة ولم تصدق على اتفاقية تأسيسها»، مشيرا إلى أن قرار التحويل في الجرائم المرتكبة بليبيا «يشمل ثلاثة أشخاص» فقط.

المحكمة بصبغة سياسية
وأوضح المنصوري أن كريم خان من مصلحته والمحكمة أن تنظر في القضايا، وهي شبه متعطلة الآن، لم تستطع فعل شيء في قضية فلسطين على سبيل المثال، معقبا: «اليوم أصبحت هناك صبغة سياسية على عمل المحكمة مثل إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهذا إجراء غير صحيح قانونيا».

واختتم حديثه قائلا: «خان وجد أرضا خصبة في ليبيا وصراع ومصالح وجماعة (البيزنس) الذين يريدون توريط الدولة الليبية».

المحكمة أخذت مسلكا استثنائيا لنظر قضايا ليبيا
ويرى المستشار القانوني العام والجنائي زياد الشنباشي أن المحكمة الجنائية الدولية غير مختصة بالنظر في الأحوال الليبية كقاعدة عامة، «لكنها سلكت مسلكا استثنائيا باعتبار أن ليبيا تقع تحت ولاية الباب السابع لمجلس الأمن الدولي، ووفق القرار 1970، جرى تحويل الملف الليبي إلى المحكمة لتتمكن بالتالي من النظر في القضايا الخاصة بالإبادة الجماعية والحروب».

وأكد أن العمل الذي تقوم به المحكمة «تكميلي وليس أساسيا»، ومساعد للقضاء الليبي عبر التقنيات مثل الأقمار الصناعية أو أي مساعدة فنية للكشف عن المجرمين والجثث، وما يحصل الآن يعبر عن هشاشة كبيرة في المحكمة الجنائية «التي تحمل خطابات جوفاء ولا تملك القوة لتنفيذ قرارات القبض»، وفق تعبيره.

تنبيه بتقصير داخلي
تابع الشنباشي أن التعاون تكاملي بين القضاء الوطني والمحكمة الجنائية، ولكي تتولى المحكمة الجنائية مهامها، فيجب على الدولة الليبية القبض على المتهمين وتسليمهم، ولكن إذا كانت قادرة على ضبط المتهمين «فلماذا تترك اختصاص التقاضي للمحكمة الجنائية؟»، مشيرا إلى أن الأخيرة كانت من المفترض أن تلتزم بدعم عملية التحقيق وجمع الدلائل، وتكتفي بذلك دون التعدي على السيادة الليبية والقضاء الليبي.

ويرى المستشار القانوني أن فتح الملف من جديد حاليا، ووضعه على طاولة مجلس الأمن، يظهر وكأنه «تنبيه بتقصير ما في الداخل الليبي»، ويكمل: «بغض النظر عن جدية المحكمة الجنائية هذه المرة أم لا، ربما أحد أسباب طرح الملف حاليا الضغوط على أشخاص بعينهم، أو استخدام الأمر كوسيلة ضغط على الدولة الليبية خلال المرحلة المقبلة المتوقع فيها إجراء الانتخابات».

استخدام الملف في الانتخابات
ورجح الشنباشي استخدام الملف في منع بعض الأشخاص من الترشح في الانتخابات، وعدم تمكين المرشح المستهدف من السفر إلى 123 دولة منضمة إلى المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي ستكون حركته مقيدة وسيواجه صعوبة في الاعتراف به دوليا حال فوزه بالانتخابات، ربما يكون هذا نوع من أنواع التحيز».

وحول ما إذا كان سيطرح خان أسماء ثانوية كمتهمين في القضايا، ويغض الطرف عن «أمراء حرب وقادة»، قال إنه «لا يمكن الجزم بهذا الأمر، والتوقعات الحالية لمن يتابع أعمال المحكمة أنها غير كاملة ومسيسة، ولذا أظن أن يكون الأشخاص الذين سيوجه لهم التهم من الدرجة الثانية والثالثة وليسوا أشخاصا على الهرم الليبي، والهدف الضغط قبل الانتخابات المقبلة، وإثبات قوة المحكمة التي تريد الرد على ضعف موقفها دوليا».

شاهد أيضاً

لوموند: التعتيم على العدد الحقيقي لضحايا فيضانات ليبيا لمصلحة من؟

قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن الرقم الرسمي المعلن لضحايا إعصار “دانيال” بلغ 3875 قتيلا، لكن …